الأزياء الشعبية..




 في الكشف عن تراث الشعوب عبر أجيال مختلفة , وهى إن اختلفت في أشكالها وألوانها فإنما تعبر بذلك عن مراحل تاريخية مختلفة مرت بها الأمة , وسجلت على القماش أفراحها وعاداتها وأساليب حياتها المختلفة .

يعتبر الزي خير لسان يعبر عن حال الأمة وعاداتها وتقاليدها وتراثها , ولا نبالغ اذا قلنا إن الازياء والملابس من أكثر شواهد المأثور الشعبي تعقيدا , إذ تعتبر من الحاجات والطقوس الممتدة عبر حياة الإنسان يستدل بها على كثير من المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية , ويستدل غالبا من خلال لابسها على انتمائه الطبقي ومنزلته الاجتماعية وعمله وجنسه وعمره كما أن الأزياء الشعبية من أهم الوسائل المستخدمة

ومنطقة الخليج عريقة ولها أصولها وجذورها التاريخية الضاربة في الأعماق , وهى منطقة ارتبطت بالبحر , لذلك أتت أزياؤها بشكل يتناسب مع طبيعة البيئة البحرية في الألوان الجميلة , وفى الشكل الفضفاض , وتقترن بالذوق الفني الرفيع في رسم الخطوط العريضة لحاجة الإنسان والدقة في اختيار الخامة , وتفصيلها وإضافة لمسات جمالية مبهرة عليها . ويتجلى ذلك بوضوح في الازياء الشعبية النسائية , التي اعتنت بجسم المرأة كقيمة جمالية وأخلاقية . فالاهتمام بخفة الخامة وبتجانس الألوان , وبدقة ضم الشرائح إلى بعضها , مع التطريز , جعلت الثوب الشعبي محببا لأجيال عديدة حتى يومنا هذا , مميزا وملفتا للنظر من بين أزياء شعوب العالم .

وأبرز ما يميز هذا الزي دون غيره من أزياء المرأة الخليجية هو العناية الفائقة بتطريز المقدمة “ بالزرى “ , بمعرفة امرأة محترفة تضع وحدات زخرفية أخاذة على أطراف ووسط الثوب مما يضفي روعة وأبهة على من ترتديه .

وتتميز أزياء الرجال بالبساطة والرحابة لتسهل الحركة ولتتناسب مع جو البلاد الحار ولونها أبيض غالبا ولا يدخلها التطريز كثيرا.
والرجال في جميع أنحاء الإمارات يلبسون زيا يكاد يكون موحدا الا من فوارق بسيطة في خياطة الثوب “الكندورة”.
كما درجت العادة أن يحمل الرجل في الإمارات بيده عصا حين يخرج . كما أن كثيرا من الرجال يتمنطقون بالخناجر المعقوفة.

وتشترك الإمارات مع شقيقاتها دول الخليج العربية في معظم الأزياء التي تتميز بها المنطقة كلها , وتتميز الأزياء التقليدية للمرأة في دول الخليج العربية بعدة خصائص تنبع من إطار واحد , تشمل طريقة لبسها وألوانها وكذلك زخرفتها وتفصيلها مع فروقات بسيطة لا تؤثر على نمطها العام , حتى يمكن اعتبارها زيا قوميا شعبيا واحدا لأهل الخليج مع بعض الفروقات المحلية البسيطة المعروفة في اللون والتطريز.

وأهم ما يميز الأزياء الخليجية هو القماش الذي تصنع منه , ويلاحظ استعمال الحرير كمادة أساسية في الملابس الخليجية , وهو مفضل بالدرجة الأولى بكافة أنواعه , الطبيعي منه والصناعي , الملون السادة والملون المنقوش , ويأتي القطن بالدرجة الثانية , أما الصوف فقد اقتصر استخدام الخفيف منه على العباءات , وعلى قليل من الثياب وكانت هذه الأقمشة تستورد من الهند وإيران ومصر , وسوريا.

أما عن الألوان المستخدمة في الثياب التقليدية فيأتي اللونان القرمزي والبنفسجي على رأس الألوان المفضلة ويليها الأزرق بكافة درجاته والأحمر والأخضر, أما اللون الأسود فقد استخدم للاحجبة والعباءات ,
وتفضل الألوان السادة لثياب المناسبات , والتي يكثر عليها التطريز ,
أما الثياب اليومية فتتراوح بين الألوان السادة والمنقوشة بألوان زاهية ولا فرق في الألوان بين لبس المسنات ولبس الشابات , وقد برعت المرأة البدوية في الصحراء في اختيار الألوان الصاخبة الجذابة كما برعت في التنسيق بينها في أشكال متداخلة .
أما الخاصية الثانية الهامة التي تلفت النظر في الملابس التقليدية هي التطريز حيث يلاحظ أن أبسط ثوب من الثياب يطرز بكثرة ويغطى التطريز معظم الثوب من الأعلى إلى الأسفل بطريقة عمودية إضافة إلى الأكمام الواسعة والظهر وبقية أجزاء الثوب الذي تتناثر عليه الزخارف بأشكال متباعدة متناسقة , كما تطرز الثياب الأخرى بغزارة أقل من ثياب المناسبات ولكن بوفرة ملحوظة , وتقتصر الزخارف حول حافة الرقبة وعلى الصدر وحافة الأكمام.

ويطلق على التطريز في الخليج العربي اصطلاح محلي هو “ تخوير “ أو “خوار” وكذلك “كورار “ والخيوط المستخدمة في التطريز هي خيوط معدنية وتسمى هذه الخيوط بخيوط “الزري” , وهو اصطلاح محلي يعنى الذهب أو المذهبة , وتسمى الخيوط المعدنية الصفراء الذهبية بأسم خيوط الذهب , اما الخيوط المعدنية البيضاء الفضية فتسمى التلى , والى جانب الخيوط المعدنيه هناك خيوط الحرير الاصلى وتسمى “البريم “ وفى الفترات الاخيرة استخدمت الخيوط الصناعية النايلون ذات الألوان البراقة والأسعار الرخيصة كبديل للخيوط المعدنية والحريرية التقليدية الغالية الثمن .